طبق من الحلاوة أم شبكات التواصل الاجتماعي؟





حتى العشاء، ينبغي علىّ إعداد هذه الحلاوة الطحينية في أسرع وقت ممكن." وكانت تعيش خديجة في مجمع سكني صغير. لكن لم يكن لديها علاقة حميمية مع أي جارتها. ولكن من وقت لآخر كانت تتبادل التحية مع عدد قليل من جيرانها.

وفي ليلة من الليالي المباركة أرادت أن تعد حلاوة الطحينية وتوزعها على جيرانها. انتشرت رائحة الحلاوة الطحينية في المجمع بأكمله. حل المساء وبدأت خديجة بتوزيع الحلاوة وهي متوقعة أن جيرانها متواجدين في بيوتهم.





طرقت أبواب جيرانها واحدًا تلو الآخر. بعضهم فتح الباب مبتسماً وأخذ الحلاوة الطحينية. وبعضهم قال نحن لا نأكل الحلاوة، شكرًا لك. وبعضهم عبر عن دهشته بملامح وجهه: ماذا يعني هذا لماذا تعطينا الحلاوة ما المناسبة؟ وبعضهم لم يتفضل بفتح الباب على الرغم من سماعه طرق الباب.

عادت ومعها بعض الأطباق وتنهدت وقالت "أه أه" "هل كانت الليالي المباركة هكذا في طفولتنا؟" في طفولتنا، كان كل الجيران يتنافسون في صنع الحلاوة الطحينية في الأعياد والليالي المباركة. ويعدون الحلاوة الطحينية في أوعية كبيرة ويوزعونها الجيران.



توزيع الأطباق على الجار؛ أحيانًا تكون هذه الأطباق هي أطباق حلوى، وأحيانًا معجنات. أحياناً عنب وفواكه طازجة من القرية. وتتراكم الأطباق أحياناً عند أحدهم ويضطر للسؤال عن صاحب الأطباق المتكدسة لديه. وهذه الأطباق لا تعود فارغة بل تملأ بشيء من الطعام أو الفواكه وترسل للجار. كانت الحكمة والهدف من هذه العادة الكريمة أن يتذكر الناس والجير ان بعضهم البعض في هذه الليالي المباركة ويبنوا أواصر الصداقة والمحبة.

ما الحدث الذي سبب تغيير الناس هكذا؟

أشياء كثيرة لم تعد كما كانت في الماضي. بدأت تفكر خديجة "لماذا المسافات بعيدة في العلاقات، لماذا لا يوجد جيران كما كان في السابق؟ كنا قديماً نعيش في بيوت مستقلة واسعة، والأطفال يتسلقون الأشجار المزروعة في حديقة المنزل، ونربي الحيوانات. كنا نجتمع في المنازل أو الحدائق ونتحدث لساعات وساعات. أما الآن فنعيش في بنايات شاهقة، دون أن نعرف من يسكن من هو جارنا في الطابق السفلي أو العلوي. ليس هناك من يحضر الحلاوة الطحينية، بل حتى الحساء إذا ما مرضنا.


في الوقت الحاضر، يوجد في كل منزل جهاز كمبيوتر واحد على الأقل، وكل شخص صغيراً كان أو كبيراً لديه هاتف. هناك شبكات التواصل الاجتماعي التي يمضي فيها الناس الكثير من الوقت! دخلت الأجهزة التكنولوجية مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة حياة البشر بشكل هائل... فنحن نحتفل تقريبًا بالأعياد الدينية والأعياد وحتى أعياد الميلاد عبر الإنترنت. فكرت خديجة "هل انقطعت علاقاتنا بسبب قضاء الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي؟"

اتجه الناس إلى الدردشة على وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من مقابلة بعضهم البعض. لأن الدردشة عبر الانترنت لا تعب ولا عناء فيه. ولكن كانت كل هذه الأدوات موجودة حتى يتمكن الناس من التواصل بسهولة أكبر. لقد ساهمت شبكات التواصل بالفعل في تسهيل التواصل.

في الواقع، جلبت التكنولوجيا الراحة والمشقة معاً إلى حياتنا.

فهل أدت زيادة الامكانات إلى تقليل حاجة الناس إلى التواصل مع بعضهم البعض؟

تذكرت خديجة نفسها عندما كانت طالبة في المرحلة الثانوية، لم تكن هناك هواتف محمولة في ذلك الوقت. وكانت هناك هواتف عمومية في الشوارع. كل شخص في يده قطعة معدنية ينتظر في الطابور ليأتي دوره في المكالمة. كان الهدف هو الدردشة مع شخص ما والسؤال عن أحواله، حتى لو لمدة دقيقة فقط، باستخدام القطعة المعدنية. وفي بعض الأحيان كانت هذه الهواتف العمومية تستخدم من أجل تحديد موعد أو لتنظيم لقاء مع الأصدقاء في يوم خاص. سنلتقي إما في ميدان تقسيم الشهير أو محطة قطار باكيركوي أو رصيف قاضي كوي في الساعة 13:00. حتى لو تأخر الشخص كنا ننتظره في المكان الذي تواعدنا فيه لأنه لا هواتف يمكن أن نتواصل مع بعضنا البعض. ولهذا السبب كان الجميع يحرص على التواجد في مكان الاجتماع في الوقت المحدد. وكانت هذه اللقاءات تستمر طوال اليوم ولا يكاد أحد يرغب في المغادرة والعودة إلى البيت من حلاوة اللقاء ومتعته.

قالت بشوق: " يا لها من أيام".




" يا ليت لو كان كل شيء كما كان من قبل..."

في الواقع، هذا الأمر في مقدور الإنسان.

وبعد تفكير طويل قررت خديجة. ربما لا شيء سيكون كما كان من قبل، ولكن خديجة تفضّل مقابلة صديقاتها وجهاً لوجه كما كان من قبل. ليس على الهاتف أو على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن لابد البذل من الجهد وتخصيص بعض من الوقت لما في ذلك اظهار الإحترام والوقار للشخص.

قالت : " ينبغي ألا يكون هناك وقت بين اتخاذ القرار الإجراءات ".

أخذت الهاتف واتصلت بصديقتها أويا، التي لم تلتقي بها منذ خمس سنوات:

- مرحبا، كيف حالك؟

- أوووه مرحبا خديجة. أنا مندهشة جداً! الحمد لله أنا بخير، كيف حالك؟

بدأت صديقتها أويا بالحديث لإعتقادها أنه سيكون مكالمة هاتفية طويلة، ولكن في حينها قاطعتها خديجة:

انصتي إلى ما سأخبرك به. إذا تحدثنا عبر الهاتف، فسيستغرق الأمر ساعات. أخبريني عن الأيام المتاحة لك في هذا الأسبوع؟ لنخصص وقتا لتناول الإفطار معا، ونتحدث كما في السابق.

اندهشت صديقتها أويا. منذ فترة طويلة لم يعرض أحداً لها المقابلة بهذه الطريقة.

بالطبع صديقتي سيكون جميلاً. أفتقد الأيام الخوالي وأفتقدك كثيرًا. سيكون من الجيد أن نرى كلانا. وأضافت: لدي الكثير لأخبرك به، الكثير.



أغلقت خديجة الهاتف وهي مبتسمة. ثم نظرت إلى يدها التي تحمل آخر طراز من الهاتف الذكي وعلى صحن الحلاوة الطحينية الموجودة على الطاولة، والتي لم تستطيع تقديمها لجيرانها. لقد تذكرت في هذه الليلة ما شهدته من أحداث. و السبب الذي جعلتها تتواعد مع صديقتها في نهاية الليل.

ثم قالت عجباً! من كان يظن أن طبقًا من الحلوى يمكن أن يقرّب الناس من بعضهم البعض.



علم تصميم الخبرات: هو علم الحقيقة الذي يصمّم ويرسم حاضر الإنسان ومستقبله من خلال الاستفادة من تجارب الماضي.

يقدّم هذا العلم الاستراتيجيات الحقيقية من أجل مساعدة الإنسان على تحديد مشاكله تحديداً صحيحاً وتسهيل وصوله للحلول الحقيقية، عن طريق سلسلة من البرامج التعليميّة والتثقيفيّة منها "فن معرفة الإنسان" و "فن مهارات العلاقات" و "سيكولوجيا النّجاح" لمن يرغب في الوصول إلى السعادة والنجاح عن طريق تحقيق أهداف الإنسان وغايته.








Yorum Gönder

0 Yorumlar