كان منزلنا على بعد شارعين خلف مستشفى الشفاء. في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كانت أختي فاطمة وأمي تشربان الشاي على الشرفة. ومن وقت لآخر كنت أذهب إلى شاطئ البحر مع إخوتي أحمد ونائل. وكان جيراننا يرافقوننا بعض الأحيان. يا لها من أيام جميلة... لكن هذا العام، كان الوضع كارثة لعائلتنا ولغزة.
كان ذلك بعد حوالي شهر ونصف من بدء الغارات والاعتداءات. لحسن الحظ في ذلك الأسبوع أمطرت السماء كثيرا. وكنا جميعا متعبين والخوف ممزوجة بالإرهاق على وجوه الأطفال. قضينا مدة شهر ونصف يائسين ... ولكن الحمد لله، منذ أن دمّر منزلنا ونحن نُناضل أمام الصعوبات. ليس نحن فقط، بل الجميع في هذه المنطقة يعملون بعزم وبجدية. وكل هذا الكفاح من أجل البقاء!
كان والدي طبيب أطفال. ولأنه لم يستطع ترك المرضى والجرحى بقي في المستشفى يعمل. أما نحن أخذنا معنا ما نحتاجه ثم انطلقنا إلى مخيم النصيرات في أقرب وقت ممكن. وعلى طول الطريق من حين وحين كنا نختبئ في الأزقة. كان أخي أحمد ماسك بيد أمي، ونسير في خوف نحو مكان مجهول. في تلك اللحظة سمعنا أصوات الطلقات النارية قريبة منا جدا. عندها ركضت أختي ومعها أخي نائل خائفين من أصوات القصف نحو المبنى المقابل. فكان قصف المبنى ودخولهم في نفس الوقت.
لم أذكر كم من الوقت بقينا في المبنى الذي كنا نختبئ فيه. كان الأمر كما لو أننا فقدنا مفهوم الوقت والزمن ... وبعد أن عدنا إلى وعينا من شدّة الوقعة التي عشناها، لم نستطيع رؤية أي شيء من شدة الغبار. كان المكان ممتلئ بسحابة رمادية ... وقد انهار مبنى بأكمله على الأرض. وتم تدمير كل شيء. وللأسف لم نتمكن من إنقاذ بشر...
ديسمبر 2023
وعند قرب الفجر تعرضت المنطقة المجاورة لمستشفى الشفاء لقصف شديد. ونحن في خان يونس وصلنا خبر استشهاد والدي.
الأيام تطارد الأسابيع، والأسابيع تطارد الشهور. حتى دخل العام الجديد ومعه البدايات الجديدة التي تحمله. كان الأمر ممتع للبعض، ولكن صعبة بالنسبة للآخرين...
في غزة، ال 24 ساعة ليست مجرد يوم عادي. أردتكم أن تعرفوا أن كفاحنا ليس مجرد قنابل وانفجارات.
أما الآن، مع الجوع والعطش بدأ الصّراع مع الطقس البارد والمطر.
أما بالنسبة لحالة البلاد،
لم يتبق أي من المدارس، ولا الكادر التعليمي. لم يعد يوجد مستشفيات أو أطباء.
ولم يبق إنسان ولا إنسانية...
كنا نظن أن شخصا ما سيسمع أصواتنا. هناك الكثير من الناس يتم إيصال مساعداتهم إلى النساء والأطفال المضطهدين وحتى الحيوانات بطريقة أو بأخرى.
لم يحدث ذلك ... لم نتمكن من جعل أصواتنا مسموعة ...
ثم قمنا بتنظيف علف الحيوانات، وطحن الحشرات والحجارة وصنع الدقيق، ثم الخبز.
كنا دائما حامدين وشاكرين وصبورين على كل حال. بعد أن جاء فترة، بدئنا نجمع الدقيق والأرز حبة حبة من الأرض.
أكتوبر 2024
استمرت صوت القنابل لمدة عام بالضبط ولم تتوقف. وعند صمت القنابل استمرت صوت الزّنّانة. لم يتركونا لننام، ولم يسمحوا بالمساعدات الطبية أو الغذائية.
لم نستسلم... لن نخاف ... نحن هنا ولن نخسر...
متى يعرف الشخص قيمة ما بين يديه؟ في النّهاية هل يجب أن يفقد كل ما لديه؟
إذن، متى يخسر الإنسان؟
عندما يفقد الأمل يخسر الإنسان. إذا قارنا أنفسنا بالعام الماضي، فستكون كارثة كاملة ... ولكن إذا أردنا مقارنتها باللحظة التي فتحنا فيها أعيننا هذا الصباح، نقول الحمد لله ...
هل بقي هناك مكان يسمى بــ غزة؟ لقد أصبحت غزة الآن غير صالحة للعيش والسّكن. آمل أن تكون السنوات القادمة أفضل بكثير لنا جميعا.
في كل عام، أحداث مماثلة في أجزاء أخرى من العالم. كلنا نسير في نفس الطريق. كل ما في الأمر أن الوقت والمكان مختلفان ... ولكن بالنسبة لــغـزة، هذا العام مختلف تماماً. حتى علاقات الناس مختلفة ...
كلنا حزينون، لأننا بشر!
لكننا نعرف أن هناك من يعلم ويسمع أسانا. لدينا سبب للعيش والموت. لهذا السبب هناك من سيدفع مقابل كل ما نقوم به. ولهذا السبب نحن لا نسمي موتانا "بالميّت" ...
الحمد لله والشّكر لله أن هناك من هو أقرب إلينا من أي شخص آخر..
هو القابض وهو الباسط جلّ جلاله.
بالطبع، سيتوقف هذا الاضطهاد والظلم في يوم من الأيام. ولا شيء يدوم إلى الأبد. حيث لا شيء استمرّ إلى الأبد في هذه الحياة؟
عندها سينتهي طغيان الظلم والظّالم، ويثاب المظلوم ويؤجر ...
علم تصميم الخبرات: هو علم الحقيقة الذي يصمّم ويرسم حاضر الإنسان ومستقبله من خلال الاستفادة من تجارب الماضي.
يقدّم هذا العلم الاستراتيجيات الحقيقية من أجل مساعدة الإنسان على تحديد مشاكله تحديداً صحيحاً وتسهيل وصوله للحلول الحقيقية، عن طريق سلسلة من البرامج التعليميّة والتثقيفيّة منها "فن معرفة الإنسان" و "فن مهارات العلاقات" و "سيكولوجيا النّجاح" لمن يرغب في الوصول إلى السعادة والنجاح عن طريق تحقيق أهداف الإنسان وغايته.
9 Yorumlar
🥺
YanıtlaSil😔
Silشكرًا لك
YanıtlaSil😥
YanıtlaSilAllah yardımcınız olsun
YanıtlaSil😔
YanıtlaSilحسبنا الله ونعم الوكيل اللهم اخذل من خذل غزه
YanıtlaSilكلنا حزينون لأننا بشر!
YanıtlaSilلكننا نعلم ذلك؛ هناك من يعرف حزننا، هناك من يسمعنا. لدينا سبب للعيش والموت. ولهذا السبب هناك من سيكافئنا على ما نفعله.
كلنا حزينون، لأننا بشر!
YanıtlaSil